شخصيات
الخميس 14 سبتمبر 2023 11:56 صباحًا - بتوقيت القدس
فهمي مسعود شاهين
ولد فهمي مسعود شاهين في مدينة نابلس عام 1892م لأب فلسطيني وأم روسية (كانت قد هاجرت إلى فلسطين عن طريق تركيا) تعلم في نابلس وأنهى الصف السابع ثم عمل بالتجارة كمعظم سكان المدينة التي عرفت بالعاصمة التجارية لكثرة القرى المحيطة بها. تزوج في سن مبكرة للتخلص من العسكرية ولكنه كلف أثناء الحرب العالمية
الأولى للقيام بوظيفة كاتب في مخازن التموين التابعة للجيش التركي. وأثناء خدمته العسكرية جاءه الخبر الصادم بوفاة زوجته الحامل بالشهر السابع وبعدها ابنته التي كان عمرها سنتين. حزن حزناً شديداً وعندما انتهت الحرب لم يستطع العيش في مدينة نابلس، رحل إلى يافا باختياره، استقر في المدينة وأحبها حيث كانت مدينة عصرية فيها جاليات من
جميع أنحاء العالم وتشتهر بياراتها ومينائها العظيم وكانت تسمى (عروس البحر الابيض المتوسط). اشتغل بالتجارة وازدهرت أعماله وأسس (أوتيل الانشراح) ونجح في إدارته وكان ينوي التوسع في أعماله وشارك في إنشاء أوتيل آخر هو (أوتيل العربي). لقد داوت مدينة يافا جراحه وفكر بالزواج وتأسيس عائلة. تزوج من بدرية جميل الداري وعاشوا معاً في يافا في شقة تقع في حي المنشية على البحر المتوسط. وكان بيته مفتوحاً لكل الأقارب الذين يرغبون بزيارة يافا من نابلس. عاش سعيداً مع زوجته ورزق بالأطفال الذين ملئوا عليه حياته وأغدق عليهم من حبه وعطفه الكثير وهم على التوالي: فائقة سماها على اسم ابنته الاولى، نبيه، محمد ونادرة. قرر أن يشتري بيتاً واسعاً واتفق مع البائع على السعر لكن البائع خالف الاتفاق فعدل عن الشراء وكان
هذا قبل نكبة 1948م. وعندما اشتدت الاحداث ارسل عائلته إلى نابلس وبقي في يافا لآخر لحظة وغادر عندما سقطت المدينة. وكان يظن كغيره من آلاف الفلسطينيين بأنه ظرف مؤقت وعندما تنتهي الحرب لا بد من العودة إلى مدنهم وقراهم التي اجبروا على تركها. كانت ظروف الهجرة صعبة على الجميع، سكنت العائلة في دار العائلة فترة من الزمن إلى أن تمكن من شراء بيت متواضع تحيط به حديقة واسعة مزروعة بالأشجار المثمرة. استأجر دكان في السوق لبيع القمح
والحبوب ولكن العائد كان قليلاً، ورغم سوء الأحوال إلا أن الحياة استمرت وعاشوا سعداء في البيت الجديد ورزق فيه ببنت وولد هما: نجاح وعمر وهكذا اكتمل عدد الأسرة فأصبحوا ٣ بنات
و ٣ أولاد.
كان متولي وقف العائلة. بالنسبة لعصره كان أبا مثاليا واسع الثقافة والفكر، حنونا، يشارك زوجته في تربية الأولاد، يلاعبهم، يغني لهم، يشجعهم على القراءة، يروي لهم القصص قبل النوم ويشتغل معهم في زراعة

الحديقة وتقليم الأشجار وكان دائما يتابع الأخبار ويأمل كغيره من أبناء جيله بتحرير فلسطين والعودة إلى يافا وكل المدن الفلسطينية. كان إنساناً لطيفاً، مسالماً ومحبوباً من جميع أفراد عائلة شاهين. أثناء مرضه الأخير وانتقاله إلى مستشفى المطلع بالقدس احتاج إلى نقل دم. فاتجهت
السيارات من مدينة نابلس إلى القدس محملة بشباب العائلة للتبرع بالدم، ولكن قضاء الله نفذ. توفي عام 1960م في مدينة القدس ودفن في مدينة نابلس عن عمر يناهز ٦٨ عاماً، رحل باكراً قبل أن تتعقد الأمور وتتبع النكبة هزيمة واحتلال آخر. رحمه الله، ستظل ذكراه حية في قلوب الجميع.