شخصيات نسائية
الأربعاء 27 سبتمبر 2023 8:23 صباحًا - بتوقيت القدس
سحاب حسني ديب شاهين
قامة اخرى من قامات ال شاهين اطال الله عمرها قامة تنحني لها الهامات إحتراما سحاب حسني ديب شاهين، إبنة مدينة نابلس والمولودة فيها عام 1933 لعائلة نابلسية، فجدها ديب محبوب شاهين من وجهاء منطقة نابلس وفلسطين آنذاك، وعمها رشدي ديب شاهين من مؤسسي (عصبة التحرر الوطني 1943) والتي تحولت فيما بعد للحزب الشيوعي الأردني، الذي له الأثر الكبير في تنمية شخصية سحاب وتوجيهها للعمل الإجتماعي في بادئ الأمر، فمنذ عام 1951-1948 كانت سحاب تنقل الرسائل الصحيفة بإستخدام أي وسيلة مواصلات كانت متاحة، لرفاق عصبة التحرر المتمركزين
في قرية بيت دجن وسلفيت، حيث كان فهمي السلفيتي ورشدي شاهين، وتعود بعد أن تضع الرسائل في مكان متفق عليه (نقطة ميتة) خوفاً من ملاحقة العسكر .
"كانت تسير بخطوات ترتطم يساراً ويميناً بأفكار تشوبها الحيرة والحذر، تتسائل كيف؟ وأين؟ ومتى يمكنني أن أخرج رجلاً تتعثر مشيته، فإحدى قدميه خشبية، وفي الوقت ذاته يتحين له رجال العسكر فرصة ليوقعوه فريسة شباكهم، وأخيراً كتب لأحد أفكارها النجاح بأن أخفت د.عبد الرحمن شقير في منزل الشاعر إبراهيم طوقان إلى أن غادر نابلس ومنها الى عمان ومن ثم إلى سوريا" كانت هذه إحدى القصص التي لاتنساها سحاب شاهين والتي كانت خلال حضور د.شقير مؤتمر الحزب الشوعي الأردني عام 1956 والذي عقد في نابلس.
درست سحاب في مدارس المدينة حتى إنهاء المرحلة الثانوية، حيث قررت بعدها السفر للخارج لإتمام تعليمها الجامعي، إلا أن الجهات الأمنية حجزت جواز سفرها بحجة نشاطها في إتحاد الشباب الذي شكله الحزب الشوعي الأردني في ذلك الوقت، فالتحقت بدار المعلمات في رام الله لمدة عامين وتخرجت منها عام 1955، وفي العام نفسه التزمت بنشاطها الرسمي في الحزب الشوعي الأردني وأصبحت رفيقة حقيقية. وعن إختيارها للحزب الشوعي تقول شاهين "قوة المثل والالتزام الذي كان يبديه الرفاق جميعا في تصرفاتهم دفعتني للإنضمام للحزب إضافة لقناعتي بعدالة قضيتنا وتحرير أرضنا" عملت بعد تخرجها في مدرسة الخديجية وهناك التقت المربية رؤوفة عون الله وهي إحدى قائدات المرشدات خلال الإنتداب البريطاني، بدأت معها سحاب تشكيل أول فرقة مرشدات في المدينة واستعانوا بخبرات جمعية الكشافة الأردنية، إضافة للثقة التي تمتعوا بها في المدينة، مما دفعهم للأمام بشكل سريع، وفي عام 1959 تولت سحاب رئاسة المرشدات اللواتي أصبح
عددهم آنذاك حوالي 2000 مرشدة. خلال فترة تدريس سحاب شاهين لمادة الإجتماعيات والجغرافيا والتربية الوطنية والتربية البدنية، كان لابد لها الخروج عن المنهج وتوسيع مدارك الطلاب وإثراء حبهم للنقاش، مما عرضها للإستدعاء من قبل مكتب المحافظ بتهمة تدريس الفكر الشيوعي للطالبات، وخلال فترة الخمسين والستين من القرن الماضي حين تلاحقت الأحداث فكان تأميم قناة السويس ومشروع ايزنهور وغيرها، مما دعى لجمع الشارع النابلسي إما للثناء على حدث أو رفض حدث آخر، وهنا برزت قدرات سحاب على تحريك الجماهير وإخراج مظاهرات عارمة أغلقت مدينة
نابلس للمطالبة أو الرفض. إلى أن انتقلت بعد ذلك للعمل في الارشاد التربوي للتربية الرياضية.
"تتذكر سحاب أول احتفال علني في الثامن من آذار (يوم المرأة العالمي) عام 1956 والذي دعت له وقتها (رابطة الدفاع عن المرأة وهي مؤسسة تقدمية، حيث أقيم الإحتفال في مدينة أريحا للتعبير عن هذا اليوم ليصبح نقطة تحول في حياة النساء، بعد إنتهاء الإحتفال إعتقلتنا القوات الأردنية وكنا حوالي 50 امرأة ".
بعد إحتلال عام 1967 عملت سحاب في إطار اللجنة الوطنية العليا التي شكلها حمدي كنعان رئيس بلدية نابلس آنذاك، ضمن خطة للعمل السياسي النضالي لإعادة اللاجئين من مدن (طولكرم ،قلقيلية) ومنعهم من العبور إلى الضفة الشرقية وتقديم المساعدة لهم، وفي العام نفسه كانت عضو مؤسس للإتحاد العام للمعلمين السري، والذي قاد حركة المقاومة ضد تهويد المناهج العربية في القدس، حيث أعلن الإتحاد الإضراب وتوقفت آنذاك المسيرة التعليمية لمدة طويلة، فتح بعدها الإضراب بفعل الضغط الذي شكله إرسال بعض الأهالي أبنائهم لإتمام السنة الدراسية في الأردن. وتذكر هنا سحاب "عدت بعد إعلان كسر الإضراب فوجدت كتاباً على مكتبي يقول لقد تم الاستغناء عن خدماتك، وكان فصلاً تعسفياً ،وقد عملت بعدها في معهد الطيرة."
أبعدت سحاب شاهين عام 1969 إلى الأردن ولكن هذا لم يثنها عن أخذ موقعها الريادي هناك، حيث تابعت نضالها من خلال حزبها، الحزب الشيوعي الأردني وساهمت في تأسيس جمعية النساء العربيات ونشطت في العمل السياسي و النقابي والنسائي وهي عضو في الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي.
وبعد 25 عاماً عادت الى أرض الوطن بعد قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية لتستعيد موقعها في خندق النضال الشعبي، من خلال المنبر الحر وحركة البناء الديمقراطي من أجل بناء مجتمع فلسطيني عصري ودولة مؤسسات على قاعدة الديمقراطية وفصل السلطات وتأكيد دور المؤسسات غير الحكومية، فشاركت في الانتخابات التشريعية الأولى تحت شعار (لن أعد إلا بما أستطيع عمله ،وما أستطيع عمله هو أن أكون ضمير المواطن في المجلس) نتمنى لها الشفاء العاجل لاستعادة دورها الريادي والنضالي