شخصيات نسائية

الأربعاء 27 سبتمبر 2023 8:13 صباحًا - بتوقيت القدس

فائقة فهمي شاهين

قصة تضحية ووفاء فائقة فهمي شاهين ولدت في نابلس عام 1937 م وعاشت مع والديها في مدينة يافا، كان عمرها 10 سنوات عندما هاجر والديها من يافا الى نابلس. حظيت بكثير من الحب والرعاية والدلال باعتبارها البنت البكر ، فنشأت ذات شخصية قوية، واثقة من نفسها. ظهرت عليها علامات الذكاء وطلاقة اللسان منذ الصغر، كانت تروي الكثير عن جمال ونظافة مدينة يافا الساحلية، وتصف البحر وبيارات البرتقال وحديقة الحيوانات وما فيها من طيور ملونة جميلة. وكانت تحكي عن الاصدقاء والجيران ورغد العيش هناك ما قبل نكبة 1948. ولكن الحال تغير بعد الهجرة حيث سكنوا في دار العيلة واصبح الجميع يشعر بالأسى والضيق. وفي احد الايام ارسل معها والدها بعض الفاكهة لاخته ام وداد التي تسكن في المنطقة الشرقية من المدينة، وفي طريقها مرت من امام احد البيوت التي تحيط به اشجار الليمون والفاكهة، فوقفت أمامه مذهولة وتمنت ان تسكن فيه. ونسيت بعدها الموضوع. وبعد حين جاء والدها ليخبر زوجته واولاده بانه اشترى بيتا قرب شقيقته وطلب منهم ان يأتوا معه ليشاهدوا البيت الجديد. ويا لفرحتها عندما كان هو نفس البيت الذي وقفت امامه، وحلمت ان يكون بيتها . استمرت الحياة في هذا البيت الى ان تخرجت من المدرسة العائشية ونجحت في امتحان المترك. كانت بجانب الدراسة واسعة الثقافة، تقرأ الكتب وتسمع الوسيقى، وتتمتع بشخصية قيادية. وتتبنى الدفاع عن القومية العربية ومحاربة الاستعمار . انضمت لحزب البعث العربي الاشتراكي وعملت مع ابناء جيلها على محاربة الرجعية وتنظيم المظاهرات لاسقاط حلف بغداد. كانت تعي ظروف النكبة وما حل بالناس من مآسي ومصائب وفي احد الايام دخلت الى البيت وهي تبكي بكاء حارا وعندما سألتها والدتها عن السبب اجابت : انها رأت احد اصدقاء

والدها واسمه ابو فرحان ( الذي غادره الفرح ) يحمل اقمشة على ظهره متجها الى مخيم بلاطة، حيث اصبح يعيش في خيمة هو وعائلته . لقد تذكرت كيف كانت تزوره مع والدها في بيارته المترامية الاطراف وتستمتع هي وابنته بإطعام الأحصنة قطع الجزر والسكر . عينت مدرسة في مدرسة ابن سينا الاعدادية . ولم تكمل اكثر من ستة اشهر بالعمل هناك حتى وصلتها فيزا للسفر الى الكويت من خالها ( لبيب الداري ) الذي كان يعمل مدرسا هناك .سافرت الى الكويت وعملت مدرسة تربية فنية في مدرسة حولي المتوسطة للبنات وكانت ناظرتها السيدة ( سلمى الخيري ) . اصبحت تساهم ماديا ومعنويا في مساعدة العائلة على استمرار الحياة وتبعها شقيقها الاكبر ( نبيه شاهين ) بالسفر الى الكويت وعمل في وزارة الاسكان .بعد وفاة والدها وسفر شقيقها الأوسط (محمد شاهين ) الى مصر لدراسة الهندسة في جامعة القاهرة . وفي عام 1966 اقترحت فائقة على والدتها القدوم الى الكويت والعيش في بيت واحد فقد ملت من العيش بسكن المدرسات


والقوانين التي تحد من الحرية . وهكذا انتقلت العائلة الى الكويت . و في عام 1967 م حصلت

الحرب وتطوع نبيه شاهين هو و مئات من الشباب الفلسطيني . ذهبوا بشاحنات من امام مكتب منظمة التحرير الفلسطينية الى مدينة عمان للمشاركة بالحرب وما ان وصلوا حتى انتهت حرب الايام الستة بهزيمة مصر وسوريا واحتلال الضفة الغربية . طلب محافظ مدينة عمان من جموع المتطوعين بالرجوع الى الكويت وذلك استعدادا لقدوم النازحين من الضفة . عندما هدأت الاحوال ذهبت والدتها الى نابلس بتصريح زيارة من والدها جميل الداري وحاولت عمل لم شمل لكن السلطات اليهودية رفضت بحجة ان كل اولادها بالكويت فهي ملموم شملهم معها . استعاذت بالله من الشيطان الرجيم ، وجمعت بعض الاغراض من البيت وقام والدها بتأجير البيت بإجبار رمزي ، حتى لا يحسب من أملاك الغائب . عاشت العائلة في الكويت وكان لفائقة اكبر الاثر في بناء

شخصيات اخوتها وأخواتها والمحافظة على الروابط القوية بينهم وتشجيعهم على الدراسة والتقدم . كانت دائمة النشاط طموحة ، اكملت دراستها الجامعية بالانتساب لجامعة بيروت العربية وحصلت على ليسانس آداب في اللغة العربية . كانت تتمتع بحب واحترام جميع من عمل معها ، وكذلك صديقاتها وعائلاتهم . انتسبت لاتحاد المرأة الفلسطينية وشاركت في عمل ندوات ادبية ومعارض فنية والعمل في مراكز إحياء التراث الفلسطيني . تزوجت من فيصل منير شاهين . ورزقت بولد وبنت فراس وفرح . كبرت العائلة لتشمل ابناء الإخوة والأخوات وظل التواصل والمحبة يجمع الكل . وبقيت الذكريات الجميلة التي عاشوها بالكويت معهم . الى ان حصل

الاجتياح العراقي لدولة الكويت . في 2/8/1990 تفرق الجميع وخرج من الكويت حوال 400 الف فلسطيني معظمهم استقر في الاردن .عاشت فائقة في عمان وكانت شخصية اجتماعية بنت علاقات طيبة مع العائلة الموجودة في عمان ومع الجيران والعديد من الصديقات . أصيبت بمرض

السرطان وتمكنت بالايمان والارادة بالتغلب على المرض اللعين ولكنه عاد بعد 5 سنوات في منطقة اخرى ولكنها ولم تيأس واستمرت بالعلاج . لكن القدر لم يمهلها هذه المرة . توفيت عام 2013 م عن عمر يناهز 76 عاما.

دلالات